## صعود إلى القمة.. ثم سقوط مدوٍّ: لماذا يجد الصاعدون إلى الدوري الإنجليزي الممتاز صعوبة في البقاء؟

 

## طاهر أبو زيد: مارادونا النيل، فارس الكرة المصرية، ووزير الرياضة الذي ترك بصمة لا تُمحى

 

في سماء الكرة المصرية، تتردد أسماء لامعة، أنارت دروب المستديرة بسحرها وأدائها الاستثنائي. من بين هؤلاء النجوم، يسطع اسم طاهر أبو زيد، اللاعب الذي أطلق عليه الجمهور لقب "مارادونا النيل"، تقديرًا لموهبته الفذة ومهاراته التي لا تُضاهى. لم يكن أبو زيد مجرد لاعب كرة قدم، بل كان فنانًا يترجم عشقه للكرة إلى لوحات فنية على أرض الملعب، وقائدًا ملهمًا قاد منتخب مصر والأهلي إلى منصات التتويج.

## طاهر أبو زيد: مارادونا النيل، فارس الكرة المصرية، ووزير الرياضة الذي ترك بصمة لا تُمحى

وُلد طاهر أبو زيد سيد عامر في الأول من أبريل عام 1962، في مدينة البداري بمحافظة أسيوط. شاء القدر أن يكون والده، الأستاذ أبو زيد سيد عامر، مدرس اللغة الإنجليزية الذي أصبح مدير مدرسة فيما بعد، مُحبًا للإعلامي الكبير طاهر أبو زيد، صاحب الأعمال الإذاعية الناجحة، فقرر تسمية ابنه تيمنًا به، ليحمل الصغير اسمًا لامعًا يرافقه في مسيرته.

 

بدأ طاهر حكايته مع الكرة 

في شوارع أسيوط، يداعب الكرة مع أقرانه وجيرانه، لتشتعل جذوة العشق في قلبه. التحق بمدرسة عثمان بن عفان الابتدائية، حيث بدأت موهبته الكروية تتفتح وتزدهر. بعد أن انتقلت عائلته إلى القاهرة وهو في سن العاشرة، قرر التوجه إلى نادي إسكو للخضوع لاختبارات الناشئين

•  وهناك، أُعجب الكابتن عصمت قينون، مدير قطاع الناشئين، بالصغير طاهر أبو زيد وطلب منه
•  الانضمام لناشئي النادي القريب من منزله. لكن القدر كان له رأي آخر، حيث اعترض والده على
•  انضمامه بسبب صغر سنه وإمكانية تعارض لعب الكرة مع مستقبله الدراسي.

 

لم ييأس طاهر

 فكأن القدر كان يخفيء له مفاجأة، حيث اكتشفه الكابتن شاكر عباده، أحد كشافي الأهلي، ليدخل النادي الأهلي أول مرة ضمن اختبارات الناشئين يوم 15 يونيو 1973، بصحبة شاكر عبادة. استقبله الدكتور عمرو أبو المجد، المسئول عن مدرسة الكرة في ذلك الوقت، وأولاه عنايته ورعايته.

1.  في أول اختبار له، تم اختياره للعب لفريق 13 سنة، ثم انضم في ديسمبر 1973 إلى فريق الناشئين
2.  تحت 14 سنة، وأهلته موهبته للاشتراك في مباريات فريق الناشئين تحت 15 و17 سنة رغم صغر
3.  سنه، وساهم خلالها في فوز الأهلي بكل بطولات الناشئين، وسجل بمفرده 159 هدفًا.

 

• في عام 1979، انضم طاهر للفريق الأول وعمره لا يتجاوز 17 عامًا، بعد أن لفت نظر المدرب
•  المجري "هيديكوتي" في مباراة الأهلي والزمالك تحت 17 سنة، وسجل يومها هدفي الفوز للأهلي.
•  يتذكر أبوزيد تلك الفترة، قائلًا: "حينما تم اختياري لألعب لفريق تحت 14 سنة، كنت أصغر من مثل
•  الأهلي في تلك المسابقة، بل ربما كنت أيضًا أصغر من لعب الكرة رسميًا في مصر!" ويضيف: "منذ
•  البداية توقع الجميع أن ألمع بسرعة.. كنت ألمح في عيونهم نظرات الحب، ولكني لمحت أيضًا نظرات
•  مشفقة بسبب ضآلة حجمي، حيث كان جسمي صغيرًا، ولكن الله أحاطني برعايته حيث نما جسمي في
•  فترة صغيرة."

 

في عام 1981، قاد طاهر منتخب الناشئين في كأس العالم 

التي أقيمت بأستراليا تحت قيادة المدير الفني الكابتن هاني مصطفي. لم يكن طاهر مجرد لاعب عادي، فقد كان كابتن هذا المنتخب، كما فاز بالحذاء الفضى ولقب ثاني هدافي هذه البطولة بأربعة أهداف. يتذكر أبوزيد مباراة البطولة وأحداثها كأنها جرت أمس الأول

1.  ويقول: "كانت مجموعتنا تضم أقوى فريقين في البطولة.. ألمانيا الذي فازت باللقب في النهاية والثاني
2.  هو منتخب أسبانيا أحد المصنفين والمرشحين للقب.. وتوقع الجميع في القاهرة أن يخسر الفريق
3.  المصري كل مبارياته.. لكننا تعادلنا مع أسبانيا ثم هزمنا ألمانيا وفزنا بصدارة مجموعتنا وصعدنا إلى
4.  دور الثمانية. لنلعب مع إنجلترا ولعب الفريق الإنجليزي مباراة رائعة حيث حاصرنا في منتصف
5.  ملعبنا لكننا أحرزنا هدفين متتاليين من هجمتين مرتدتين وقبل نهاية الشوط الأول بدقائق أحرز فريق
6.  إنجلترا هدفًا انتهى به الشوط الأول 2/ 1 لصالحنا. وفي الشوط الثاني توالى هجوم إنجلترا ليفوز
7.  فريقها 2/4 بعد أن قدم فريقنا عرضًا طيبًا."

 

لم تتوقف مسيرة طاهر عند هذا الحد

 فقد ذهب الفريق المصري إلى الصين وشارك في دورة السور العظيم، وعاد طاهر أيضًا يحمل لقب الهداف. وكانت أول مباراة رسمية له مع النادي الأهلي المصري في بطولة الدوري العام أمام السويس وفاز الأهلي 1/ صفر. شارك طاهر في هذه المباراة مع جيل العمالقة صفوت عبد الحليم وطاهر الشيخ ومصطفي عبده والخطيب.

 

• انضم طاهر أبو زيد للمنتخب القومي المصري في أكتوبر 1982، وفي نفس الشهر لعب أول مباراة
•  دولية أمام زامبيا في الاحتفال باليوبيل الفضي بمرور 25 عامًا على إنشاء الاتحاد الأفريقي. افتتح
•  طاهر رصيد أهدافه الدولي بهدفين أحرزهما في هذا اللقاء، ثم بقى يلعب باسم مصر حتى عام 1990،
•  وخاض 59 مباراة دولية ونال شرف اللعب في كأس العالم أمام أيرلندا لمدة ربع ساعة فقط بسبب
•  خلافه مع الجوهري.

 

كان لطاهر الدور الأكبر في فوز مصر بكأس الأمم الإفريقية التي أقيمت بالقاهرة في مارس 1986، بعد أن حطم عقدة المغرب بالهدف الذي سجله في مرمى حارس المغرب العملاق بادو الزاكي من ضربة حرة مباشرة في الدقيقة 34 من الشوط الثاني في الدور قبل النهائي باستاد القاهرة يوم الاثنين 17 مارس 1986، وفازت مصر 1/ صفر وتأهلت للنهائي وفازت بالبطولة على حساب الكاميرون.

 

خاض أبو زيد تجربة الاحتراف 

حيث احترف في صفوف نادى صحار العماني في أغسطس 1991، ولم يستمر وعاد إلى النادى الأهلى في 10 ديسمبر 1991 بسبب المشاكل التي واجهها مع إدارة الأهلى. وفي عام 1992، هتف باسمه كل الجمهور الأحمر عندما أرسل قذيفة مدوية في الوقت القاتل من نهائي كأس مصر ضد الزمالك فارتدت من الحارس حسين السيد إلى قدم أيمن شوقى فسجل بهدف الفوز.

 

• بعد حياة كروية حافلة بالإنجازات، ورصيد كبير من حب الجماهير، وبعد مساهمته الكبيرة في الفوز
•  ببطولة كأس مصر عام 1992، إلا أن إدارة النادي الأهلي المصري قررت الاستغناء عن 7 لاعبين
•  دفعة واحدة فيما عرف بـ "المذبحة الكبرى"، وكانت المفاجأة المدوية أن من بين الأسماء هو اسم
•  الكابتن طاهر أبو زيد صاحب الـ 31 عامًا، بالإضافة إلى كابتن علاء ميهوب وكابتن ربيع ياسين.
•  على الرغم من حصول كابتن طاهر على العديد من العروض، إلا أنه قرر الاعتزال والاتجاه إلى
•  خدمة النادي الأهلي بشكل آخر.

 

وقد جاءت مباراة اعتزال كابتن طاهر أبو زيد مثيرة، حيث استطاع أن يقلب النتيجة ويحرز هدف التعادل للأهلي من ضربة حرة مباشرة والتي طالما اشتهر بها، ليشير للجماهير بعدها بالنهاية ويخرج من الملعب وقد ترك أثر لا يمكن أن ينمحي من ذاكرة محبي وعشاق النادي الأهلي.

 

1. بعد اعتزاله، شارك مع المنتخب المصري في بطولة أمم أفريقيا للكرة الخماسية وقاد المنتخب إلى
2.  بطولة العالم في إسبانيا وشارك في البطولة أيضًا. فاز مع الأهلي بخمس بطولات أفريقية وبدرع
3.  الدوري سبع مرات وكأس مصر خمس مرات. بعد اعتزاله مباشرة، نجح في الحصول على ثقة
4.  أعضاء الأهلى وتم انتخابه عضوا بمجلس الإدارة دورتين متتاليتين.

 

لم تتوقف مسيرة طاهر أبو زيد عند حدود المستطيل الأخضر، بل امتدت لتشمل العمل الإداري والسياسي. تولى منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وترك بصمة واضحة في تطوير الرياضة المصرية.

 

**إنجازاته وبطولاته**

 

• *   شارك في كأس العالم المقام في إيطاليا سنة 1990.
• *   الدوري المصري 7 مرات.
• *   كأس مصر 5 مرات.
• *   بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري مرتين.
• *   بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكأس 3 مرات.
• *   الكأس الأفرواسيوى مرة.
• *   كأس الاتحاد المصري مرة.
• *   كأس الأمم الأفريقية مع المنتخب عام 1986.
• *   هداف كأس العالم للناشئين عام 1981 بأربعة أهداف.
• *   أفضل لاعب عربي عام 1987 في استفتاء جريدة الوطن الكويتية.
• *   شارك مع المنتخب في أربعة بطولات دولية مختلفة (كأس العالم للناشئين 1981، الدورة الأولمبية بلوس أنجلوس عام 1984، كأس الأمم الأفريقية 1986، كأس العالم للكرة الخماسية عام 1997).

 الختام

طاهر أبو زيد، اسم سيبقى محفورًا في ذاكرة الكرة المصرية، لاعبًا فنانًا، وقائدًا ملهمًا، ووزيرًا ترك بصمة لا تُمحى. سيظل "مارادونا النيل" رمزًا للجيل الذهبي للكرة المصرية، وقدوة للأجيال القادمة من اللاعبين.